دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان حيز التنفيذ, بعد أكثر من عام من التصعيد العسكري على الحدود بين الجانبين. الاتفاق يمثل خطوة هامة نحو تهدئة الأوضاع في المنطقة, التي شهدت خلال الأشهر الماضية اشتباكات متقطعة وتهديدات متبادلة.
في حديث مع سكاي نيوز عربية, ناقش الباحث المتخصص في الشؤون الإسرائيلية في مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية, خميس آل علي, أبعاد هذا الاتفاق وتداعياته السياسية والعسكرية.
أكد آل علي أن هناك إجماعًا داخل المستوى السياسي والعسكري الإسرائيلي على ضرورة التوجه نحو هدنة مع لبنان, باستثناء معارضة وزير الأمن القومي الإسرائيلي, إيتمار بن غفير, الذي أبدى تحفظات بشأن هذه الخطوة.
وأوضح آل علي أن الضغط العسكري الكبير الذي واجهته إسرائيل دفع القيادة السياسية إلى تحويل بعض الإنجازات الميدانية إلى مكاسب سياسية, خاصة بعد التوترات التي شابتها خلال الأشهر الماضية.
وأشار آل علي إلى أن المعارضة الإسرائيلية, بقيادة شخصيات بارزة مثل يائير لبيد وبيني غانتس, تسعى لاستغلال الهدنة لمهاجمة رئيس الوزراء الإسرائيلي, بنيامين نتنياهو. هذا الهجوم السياسي يأتي في وقت حساس بالنسبة لنتنياهو, مما يزيد من التحديات التي يواجهها في ظل الأزمة السياسية المستمرة داخل إسرائيل.
وحول مستقبل بنيامين نتنياهو في ظل الاتفاق الأخير, أشار آل علي إلى أن استطلاعات الرأي أظهرت تراجعًا طفيفًا في دعم حزب الليكود بقيادة نتنياهو, مما يثير تساؤلات حول قدرته على استعادة شعبيته, خاصة في ظل الوضع السياسي غير المستقر.
وأضاف آل علي أن الاتفاق مع لبنان قد يُعتبر هدنة مؤقتة إذا لم يرافقه تقدم ملموس في تحقيق الأهداف الإسرائيلية, سواء في لبنان أو غزة.
وأكد أن الجيش الإسرائيلي يرى أن جهوده العسكرية في لبنان قد استنفدت, وأن المرحلة الحالية تتطلب تحويل الزخم الميداني إلى مكاسب سياسية حقيقية.
وفي هذا السياق, لفت آل علي إلى أن تحقيق "رؤية الشرق الأوسط الجديد" التي تحدثت عنها إسرائيل يتطلب وقتًا طويلًا ودعمًا دوليًا أكبر. وهذا يعكس التحديات التي قد تواجهها إسرائيل في تنفيذ هذه الرؤية على أرض الواقع.
خلال النقاش, تم تسليط الضوء على تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الذي أشار إلى أن المرشد الإيراني علي خامنئي أعطى الضوء الأخضر لحزب الله لقبول اتفاق الهدنة مع إسرائيل عبر الحكومة اللبنانية. واعتبر آل علي أن هذا التطور يعكس رغبة إيران في تجنب التصعيد العسكري المباشر مع إسرائيل, مع الحفاظ في الوقت نفسه على نفوذها الإقليمي, خاصة في لبنان.
في الختام, شدد آل علي على أن الهدنة بين إسرائيل ولبنان تمثل بداية لمرحلة اختبار جديدة في المنطقة. هذه المرحلة لا تقتصر على الداخل الإسرائيلي فقط, بل تشمل أيضًا التوازنات الإقليمية التي قد تتغير في حال نجاح الهدنة أو فشلها. وأضاف أن نجاح هذه الهدنة يعتمد على التزام الأطراف المعنية ببنود الاتفاق وتجنب أي تصعيد جديد قد يعيد الأمور إلى نقطة الصفر.
تظل الفترة المقبلة حاسمة بالنسبة للمنطقة, إذ سيتعين على الأطراف المعنية اختبار مدى التزامها بالاتفاق, وتحقيق التوازن بين التهدئة والاحتفاظ بالنفوذ الاستراتيجي.
(سكاي نيور عربية)